كيف أكون كاتب محترف ؟ إجابة على هذا السؤال يتطلب أن أقول لك في البداية أنه في الماضي لم يكن هناك وجود للتدريب الاحترافي والمتخصص بالكتابة، فكانت الطريقة الوحيدة المتاحة لتعلم الكتابة هي القراءة، قراءة أساليب مختلفة من الأدب بعين متفحصة تُعلِم القارئة الآلية المميزة التي يستخدمها الكاتب، وبالتالي تراكم الخبرات والمهارات بالقراءة التحليلية المستمرة.
ابدأ من الحجر الأساس
إن الورش التدريبية وكورسات تعلُّم الكتابة مثل كورس كيف تكتب رواية والأساتذة المختصين مثل الكاتب أمير عاطف يساعدان الطالب على تشكيل القاعدة القوية التي تساعد الكاتب على أن يبني عليها مهارة التحليل وتشكيل الجمل، إلا أن الإبداع وحب اللغة والشغف لا ينتقلون خلال هذه العمليات التعليمية فقط ، لذا يجب عليك أن تقرأ كتب من سبقوك لتتعلم الكتابة الإبداعية، حيث يكون تعلم الكتابة بنفس الطريقة التي يتم تعلم القراءة بها، إذ يتم تعلم كلمة واحدة في كل خطوة مع الاستمرار بالتدريب المستمر والتعلم من اقتراف الأخطاء وقراءة الكتب التي تروق لنا لتطوير مهاراتنا وأسلوبنا في الكتابة.
اقرأ بعناية لا على عجل...!
كيف أكون كاتب محترف وأنا أقرأ على عجل؟ بالطبع الأمر سيكون صعبًا. لذا… لا تقرأ الكتب على عجل، بل اقرأها بعناية وركز على اللغة المستخدمة في الكتابة، فقراءة الكتب تدفعك للكتابة، إذ إن جمال محتوى الكتاب قد يحفز إحساسك أو يضع فكرة في عقلك. ومن الجدير بالذكر أن الكاتب المبتدئ يتأثر بأسلوب الكاتب الذي يقرأ كتبه، حتى ينضج أسلوبه الأدبي بعد اكتسابه للخبرة، لذا يجب على القارئ إيجاد الكتاب الذي يروق له، ومن ثم اكتشاف سر استمرارهم في الكتابة ونجاحهم بها.
استخدم الكلمات بشكل صحيح
جميع عوامل الكتابة الإبداعية تعتمد على الاستخدام الصحيح للكلمات، فالكلمات هي المادة الخام في فن الكتابة، لذا عندما تقوم بالقراءة يجب أن تسأل نفسك: ما المعنى الذي تعطيه كل كلمة وكيف خدمت السياق؟ إذ يجب أن يختار الكاتب الكلمات التي تخدم المعنى والسياق والصورة الفنية والقصة المحكية والحالة النفسية للشخوص في محاولة لإيصال المشاعر عوضًا عن سردها فقط. وقد يستخدم الكاتب عن قصد بعض الكلمات في غير مكانها المعتاد إن وجد أنها مناسبة لذلك، على القارئ أن يتأنى في القراءة مهما بدا التسرع مغريًا، فإن القراءة السريعة ليست كافية لتحليل المعنى وراء الكلمات.
صناعة المحتوى
كيف أكون كاتب محترف بدون الاهتمام بجودة إبداعي؟ عند كتابة محتوى أي كتاب، فإن جودة الجمل المكتوبة أكثر أهمية من اختيار موضوع الكتابة أو الزمن المكتوب فيه الكتاب، أو التصنيف الأدبي للكتاب. كما تتحسن جودة الجمل المكتوبة بالتناسب مع أهمية المعلومات المنقولة من خلالها وارتباطها بالنص.
من الصعب تحديد معايير جمال الجمل المكتوبة، لكن بعض الخصائص قد تساهم في زيادة جماليتها؛ فيمكن، مثلاً، زيادة جمالية هذه الجمل في حال صياغتها لتكون سهلة الفهم من قبل القارئ، وأن تكون غنية نحويًا ولا تحتوي على أخطاء. وينصح باستخدام كراسة لمراجعة القواعد اللغوية وتجنب الوقوع في الأخطاء المحتملة.
أهمية الجملة الابتدائية
من المهم أن تقوم الجملة الابتدائية في النص بتحضير القارئ لموضوع الفقرة بكلمات مختصرة، وأن تلائم الشخوص وترسل المشاعر بصدقٍ دون تشتيت. ويمكن أن تكون هذه الجمل طويلة أو قصيرة، في حال عبرت عن المعنى المطلوب بدون تعقيد، فلا يتلعثم القارئ خلال قرائتها. كما أن استخدام الجناس يزيد الجمل جمالاً، فإن النمط البديع يعطي معنى لطيفًا لا يمكن التعبير عنه بالكلمات المجردة.
تعد مهارة التفقير من المهارات المهمة التي يجب على الكاتب اكتسابها وتطبيقها. وتنص على أنه لا يجب على الكاتبين الالتزام بعدد معين من الفقرات، ما دامت إضافة الفقرات تتم بطريقة صحيحة وتسهل فهم المعنى. كما أن قراءة الأعمال الأدبية باستمرار تمكن الكاتب من الوصول إلى بناء الطراز الذي يحبه في الكتابة، فليس هناك قواعد ثابتة يلتزم بها الجميع، لكن قراءة الكتابات الأخرى ستساعد بالتأكيد على اختيار الأسلوب الصحيح في الكتابة.
اقرأ أيضًا: كيف تبني شخصية احترافية في روايتك
لكل كاتب طراز خاص به
تعد الجمل وحدة بناء الفقرات، لذا يجب استخدامها باحترافية في بداية ونهاية الفقرة، مع الأخذ بعين الاعتبار أن معنى الجملة يتغير بتغير موقعها في الفقرة. كما يفضل التقليل من استخدام الفقرات المكونة من جملة واحدة فقط، وفي حال اضطر الكاتب لذلك، يجب عليه جعل الجملة فريدة من نوعها حيث تحوي معنى غنيًا أو تأثيرًا واضحًا.
يستطيع الكاتب استخدام طراز خاص به في أي كتاب يكتبه ورواية يؤلفها، بناءً على الجمهور المستهدف لهذا العمل الأدبي. فعلى سبيل المثال، في حال كتابة رواية، يمكنه جعل الراوي هو بطل الرواية لشد القراء وجعلهم يتأثرون بما يرويه هذا البطل، كون القصة جزءًا من كيانه ومشاعره.
الاهتمام بالراوي ودوره
كما يمكن جعل الراوي شخصًا جانبيًا لا علاقة له بالحكاية، ليستطيع إيصال المعلومات كاملة إلى القراء دون الاقتصار على رؤية البطل للأحداث. بالإضافة إلى إمكانية كون الراوي شخصية ثانوية، أو تبديل هذا الدور بين بطل القصة والشخصية الثانوية في مواضع مختلفة من القصة.
يعتبر خلق الشخصيات فنًا يستطيع كل كاتب إضفاء لمسته الخاصة عليه. فمن الممكن أن يعرف الكاتب الشخوص من خلال المواقف التي يتم وضعهم فيها، مع إضافة وصف بسيط لشخصياتهم بلا أي توضيح لنوايا ودوافعهم، لتكون تصرفاتهم صادمة للقارئ. بينما يفضل بعض الكتاب وصف أدق التفاصيل الخاصة بالشخصيات مسبقًا، ومن ثم بدأ الأحداث لتعريف الشخصيات بأفعالهم. على الرغم من كون بعض هؤلاء الكتاب يقومون بالتعريف عنهم بناءً على أفكارهم وماضيهم، وبالتالي تصبح أفعالهم ملائمة لشخصياتهم المنسوجة، والسلوك المتوقع منهم، إذ يتشكل فهمنا للشخوص مع سير الأحداث. وينضج هذا التصور ويتغير نتيجة لردات فعل الشخوص تجاه المواقف التي تتعاقب عليها. إذا أدركت ذلك ستعرف الإجابة النموذجية على السؤال الخالد: كيف أكون كاتب محترف ، والآن سننتقل إلى نقطة أخرى مهمة… ألا وهي عناصر السرد الجذاب.
اقرأ أيضًا: أهم 19 نصيحة لأي كاتب روائي + كتاب هدية
عناصر السرد الجذاب
لا يوجد أسلوب ثابت لكتابة الحوار، إذ يمتلك كل كاتب أسلوباً شخصياً يميزه عن غيره من الكتاب. ومع ذلك، تعد قراءة كتب الروائيين الموهوبين في كتابة الحوار أمراً مفيداً لتنمية المواهب الكتابية. حيث يستطيع الروائيون المحترفون إيصال الكثير من المعاني الخفية باستخدام كلمات غير مباشرة. فيكون حوارهم المنسوج محاكيًا للواقع الحاصل، مما يجعله حواراً ممتعاً متمكناً من إظهار شخصية المتحدث وإيفاد مشاعره وبيان نواياه للقارئ.
تقنية استخدام الحوار
يعد الحوار الحاصل في الواقع مختلفًا عن ذلك المكتوب في الروايات الخيالية. وذلك لكونه أكثر وضوحاً ودقة وطلاقة. بالإضافة إلى كونه حواراً مباشراً يعطي المعنى المقصود بيقين ودون ريبة. ومن الجدير بالذكر أن الشخصيات تتحدث بطريقة مختلفة بالاعتماد على شخصيتها وعلى شخصية المستمع. ولذلك تكون اللغة المستخدمة في الحوار منسجمة مع زمن وجود الشخصية وبيئتها.
اهتم بالتفاصيل... بل بأدق التفاصيل
إن التفاصيل هي ما تجعل أي ادعاء قابلاً للتصديق. إذاً، إضافة التفاصيل أثناء الكتابة بشكل مناسب يوحي للقارئ أن الكاتب مسيطر على أحداث الرواية. فعلى سبيل المثال، يتم ذكر حالة الطقس وشكل ديكور المنزل للتأثير على القارئ وجعله أكثر انسجاماً بأحداث الرواية. كما يرسل إليه المعاني والمشاعر ومعلومات مهمة عن الحالة المادية والاجتماعية للشخصية. بالإضافة إلى ذلك، وصف بعض الحركات الجسدية التي يقوم بها البطل وذكر بعض السلوكيات البسيطة مثل التدخين قد تؤثر في وعي القارئ وتفكيره حول الشخصية ونواياها.
التعلم من خلال القراءة
إن الملاحظة الواعية لما يقرأه الكاتب ستطور من قدرته على رؤية العالم من حوله بوضوح وتوسع من آفاق وعيه. مما سينعكس على صدق كتابته. فعلى سبيل المثال، تعد قراءة أعمال أنطون تشيخوف مساهمة في زيادة الوعي حول الأخطاء التي يتم اقترافها وستجعل الكاتب أكثر تواضعًا. كما يمكن التعلم أنه لا يجب على الكاتب أن يقوم بتجميل الواقع، بل عليه أن يصفه وينقله بصورة واضحة. بالإضافة إلى أنه لا يجب عليه أن يقوم بحل المشاكل، بل أن يطرحها بصورة الواقعية وصائبة.
كسر حاجز الخوف
تعد القراءة الحل الأمثل لكسر حاجز الخوف. إذ يخاف الكاتب من البدء بالكتابة ويخاف من الفشل ومن الانتقاد ومن كسر القواعد المجتمعية المعهودة. لذا يتم نصح الكتاب الجدد بالقراءة، لاحتواء الأدب على أعداد لا نهائية من الأعمال الأدبية الغريبة التي كسرت القواعد المألوفة ونجحت رغم ذلك. فعلى سبيل المثال، كان من الشائع أن تكون النهاية سعيدة دائماً، إلا أن بعض الكتاب يفضلون تشويق القارئ وكسب تعاطفه مع بطل الرواية وجعل النهاية مأساوية. يمكن وصف الأعمال والنصوص الأدبية الغنية ببحر عميق. يذكر الكاتب دائماً بأن هناك مساحة له. كما ستقوم القراءة بتذكيره بمرونة الأدب واتساعه لكافة الأساليب مهما بدا هذا الأسلوب مختلفاً عن ثقافته. كما سيتشجع على الوقوف في وجه مشاكل العالم والكتابة من أجل إيجاد حلول لها.
ملخص نهائي
يعد الأدب بستانًا مليئًا بالأزهار، والقراءة ستساعدك في اختيار أي زهرة ستكون. عليك أن تقرأ بسذاجة طفل وفضول طالب علم، اقرأ بقرب وحلل اللغة لتكتسب مهارة استخدامها. مع المتابعة، سينضج أسلوبك الخاص وستترك بصمتك الخاصة في الكتابة.
Comments are closed.